قبيلة آل عبد الرحمن
(عبيدة براد)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخرين وعلى آله وصحابته أجمعين.
وبعد
الوفاء للأسلاف وإثراء عقلية القارئ المتأخر هو وحده الذي جعلني أترنم بهذه الجمل التعريفية والدراسة التاريخية النسبية،ليعرف النشء من أبنائنا كيف كان تاريخ أبناء عمومتهم وأنسابهم ،لتصحيح مسار نسبي كثر الحديث به عنهم من غيرهم ، وننفي أخطاء وأمور غير صحيحة تداولها من انتسب لهم وهو بعيد عنهم نسبا وتاريخا.
فحين نتعمق في تاريخ قبائل جنب المذحجية ، ونتدارسه فإنه لا ينبثق من نزعة تعصب لاسم أو نسب ، وإيثاراً له على ما سواه من أنساب ، أو فخراً بأحساب وطعناً في أنساب ،إنما هو من أجل المعرفة التي تورث الفهم، فلا يعني معرفة النسب ، و الاعتزاز به ، أنه تعصب للأجداد والآباء ، أو ذكر بعض تاريخهم أنه ادعاء الشرف على الغير،فمن رزقه الله الانتساب إلى قبيلة معروفة فما ذلك إلا نعمة خالصة من الله.
ولا يكون هذا الانتماء القبلي المعروف سبباً في التفاخر والتعاظم على الخلق (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وما كتبت هذا إلا لإزالة خلل ، وإصلاح زلل ،وفهم للتاريخ والسير على خطاً واضح ، لنشارك في درء فتنة ، ونفي خبث انتساب الرجل لغير أبيه ((ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار)).
فإن السنوات الأخيرة نلحظ فيها أن نار العصبية القبلية بدء نافخي الكير في إضرامها باسم القبائلية وأمجادها الماضية،وهذه الدعوات هي بريد الشتات والانهيار إن لم نُزّل مسبباتها ونوقف أنفاس نافخيها ، وذلك بنشر الوعي والثقافة الإسلامية الصحيحة بين أفراد هذه الأمة .
ايه القارئ الكريم :
لعلي استأذنك في عرض نسب قبيلة عزيزة كريمة شريفة ،اخترت الحديث عنها لجلالة قدرها وإشراقه أحسابها وأنسابها..فهي ترفل في موطن التاريخ والمجد ، وموطن الحضارات ، وفي موطن كرسي ملوك سبأ وحمير ومعين ، إنها قبيلة تعشق بلاد مأرب العز والفخار ، وبلاد جوف اليمن السعيد ، أسم فروعها طغى على أسمها الشاهق ، فهي خيار من خيار..
تنتمي لقبيلة تتراقص ذرات التاريخ باسمها ، وتتسابق كثير من الجموع للإنتساب لها ...هذه القبيلة فرع عزيز من قبيلة عاتية في تاريخها وفي احسابها وأنسابها إنها من قبيلة : عبيدة جنب.
فهي ضمن كوكبة شمسية أشرقت سماء التاريخ وحركته بذكرها ، ضمن قبائل قحطان العاتية ، قحطان التي تتشعب جذورها في باطن الأرض وشعب الزمان المتطاول ، ليقود ركبها فعل فرسان وشيوخ وشعراء وأدباء ... إنها كوكبة تضم في حناياها أسماء لامعة وأسماء كريمة عظيمة .
من هي
قبيلة آل عبد الرحمن بن روح بن مدرك من عبيدة جنب ؟
لنبدأ رحلتنا للتعريف بقبيلة ضمن كوكبة قبائل عبيدة وهي : آل الصقر ، بنو شداد ، بنو طلق ، الوهابة ، بنو قيس ، وقبائل عبيدة براد وممثلها على مر التاريخ ، قبيلة آل عبد الرحمن من ولد روح بن مدرك .
ماهي جذور هذه القبيلة ؟ وإلى من تنتمي في السقف الأعلى لقبيلة عبيدة ؟
إنها تنتمي لجدها الأعلى روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك الجنبي بالاتفاق إلا ما وقع من صاحب كتاب : طرفة الأصحاب . السلطان الرسولي : عمر بن رسول. الذي أورد بصيغة الشك والإضطراب : وقيل إنهم – أي – روح بن مدرك من عنز بن وائل ، ولم يسبقه لهذا القول أحد ، على ما نجد في كتابه من اضطراب وخلل ، وكأن هناك من زاد فيه وأنقص ، والذي يؤكد هذا الأمر ما أورده شيخ المؤرخين : حمد الجاسر من القول وبصيغة أخري على لسان السلطان : عمر بن رسول : وقيل إنهم من عنس دخلوا فيهم وأصلهم من همدان . هكذا أورد الشيخ الجاسر ...( لمعرفة التفاصيل حول هذا الأمر يرجى العودة لكتاب : درر العقود الفريدة في تاريخ جنب وعبيدة )..
هل آل روح بن مدرك ذو كثرة ؟
يؤكد هذا الأمر ما أورده صاحب كتاب : سيرة أحمد بن سليمان في النصف الأول من القرن السادس الهجري حين قال في أحد معاركة الشهيرة ضد خصومة :
وقد كان حاتم بن أحمد بعساكره قريباً منهم في أسفل الوادي بموضع يقال له ريمة (من قرى سنحان غرب غيمان .)
وكانت خيله تسع مئة فارس معدة كلها.فيهم من جنب :عبد الله بن يحيى و عبد العزيز بن العطير و حسين بن الربيع( شيوخ وفرسان من عبيدة ) في ثلاث مئة فارس وباقيهم من همدان وسنحان ونهد. والتقى القوم للقتال في ذلك الوادي ، فكان زيد بن عمرو وجبير بن عبد الله و آل روح و زبيد و عنس في ميمنة القتال ، وكانت الأبطن وآل عانس في الميسرة ، والإمام عليه السلام ومن معه من الأشراف والشيعة في القلب ولم يكن معه من الراجلة غير أربعين راجلاً ، فوقفوا بين يديه دون المضرب وكان معه أنفار من الأبطن ، وكثرت عليهم النبل والحجارة من كل جانب فمالوا إلى أكثر الصف إلى آل روح وتخلخل الناس من الإمام فما بقي معه غير قوم قليل ، وعدة جمهور القوم وأهل الجد منهم والبأس والشدة من همدان وسنحان. وكان فيمن لاحمه القتال عمرو بن الشغدري من سنحان وبنو ساعدة و الحباب وخيل من همدان فكانوا أمامه صفوفاً وقد طمعوا فيه وفيمن معه وجعلوه لهم غرضاً لأنه بغيتهم وطلبهم ، واشتد القتال وحمي الوطيس وكثرت القتلى فقتل ابن أخ لزيد بن عمرو و ولد للعمر بن عبد الله واثنا عشر رجلاً من الشيعة .( سيرة الإمام أحمد بن سليمان /سليمان بن يحيى الثقفي .تحقيق الدكتور : عبد الغني محمود عبد العاطي . ص : 219 – 220 – 221. من حوادث سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة للهجرة .)
ومع العودة لسيرة أحمد بن سليمان فإننا نجد فروع من آل روح بن مدرك كأسماء مشيخة على قبائل عبيدة التي كانت تعرف بجنب تحديدا فمنذو عصر الهمداني كما في كتاب ( صفة جزيرة العرب ) كان يطلق على منبه ( جنب ) تحديدا وأورد في كتاب ( الدامغة ) وهو يتحدث عن حادثة الزواج لبنت مهلهل بن ربيعة التغلبي من شيخ جنب فيقول في بيتين من ضمن قصيدة الشهيرة ( الدامغة ) :
ونحن الناكحون إلى عدي كرائمُه ونعم المُنكحُونا
فأمهرنا الذي جعلوه فيهم رضى لجميعهم مسكاَ دهينا
ثم يوضح واقع هذا الزواج في شرحه ، وأن معاوية بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن منبه هو من تزوجها .
( الدامغة . ص : 426 ).
وعند ابن الكلبي في متاب / معد واليمن الكبير ، نسب معاوية هو : معاوية الخير بن عمرو بن عامر بن الحارث بن ربيعة بن الأجرد بن كعب بن منبه. وأن من ولد معاوية الخير أبنه عمرو بن معاوية ، فلا نعلم هل هو يقصد أن نسب الأبن هو : عمرو بن معاوية الخير ، أم أن من أحفادة ؟....
وتعرف شريف بشريف في اكثر المواضع استقلالا ، وسنحان بسنحان ذات استقلالية تامة عن مسمى جنب ، وهذا لا يعني من كلامي أن سنحان وشريف ليست من جنب ، لكن الاختلاف في الأقوال أن جنب هو حلف أخوة من ولد يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مذحج ، وفي قول أخر أن جنب هو حلف بين بعض بني سعد العشيرة ، فهنا يكون جنب حلف وليس جد ربما بين أبناء يزيد وربما بين أبناء سعد العشيرة وربما حلف عام جمع قبائل متعددة اختارت اسم جنب ، لكن الذي نجده عن الهمداني إنه لمنبه (جنب ) ومن ولد منبه معاوية الخير والذي من نسله قبيلة عبيدة والتي عرفت في القرون الإسلامية الوسيطة بجنب كما في كتاب أحمد بن سليمان وكتاب السيرة المنصورية وكتاب : السمط الغالي الثمن ، وعند ابن رسول في طرفة الأصحاب .
فنجد: محمد بن منصور بن عبد الرب من جنب ، ونجد علي بن منصور بن عبد الرب ، ونجد الرميم بن جابر بن عبد الرب وهو صنوا منيف بن جابر بن عبد الرب شيخ جنب والمقدم فيها . وعند احمد بن سليمان وعبد الله بن حمزة : قبيلة : آل عبد الرحمن من آل روح ..
فنسب هذه القبيلة على ما تقدم هو: عبد الرحمن بن روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك الجنبي .عرفت بعض بطونها بآل عبد الرب . نسبة إلى عبد الرب بن ربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك.
ثم عرفت بعض بطونها المتأخرة بعد القرن السابع : بآل منيف . نسبة إلى : منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر بن عبد الرب ....
ثم عرفوا بالضياغم وهي تسمية متأخرة ...
لقد كان أول ذكر لقبيلة آل عبد الرحمن عبيدة في المصنفات والسير اليمانية ، كان في القرن السادس الهجري في زمن الإمام الزيدي : أحمد بن سليمان .ضمن سيرته التي كتبها / سليمان بن يحيى الثقفي.
يذكر صاحب السيرة سيرة أحمد بن سليمان:حينما وصل أهل اليمن من جنب وعنس وزبيد وكان من مشايخ زبيد عبد الله الحرف وسالم أبناء محمد وصبرة بن المهلب وأحمد بن صبرة البصري وكافة أصحابه وصباوة بن عنس وأصحابه وسعيد بن يوسف ومنصور بن أبي الهيثم وأصحابهما آل الأحول وسائر عنس،وكان من جنب مقبل والحداد أبناء عبد الله من المشرق،ومن نواحي ذمار من بني عبيدة :علي بن المنصور بن عبد الرب، وعبد العزيز بن مرير ، والمبارك بن موسى ، وعمرو بن جندل ، ورجال من آل عبد الرحمن فيهم الغمر بن عبد الله ، وإخوته ، وقوم كثير .
وهذا نص صريح في أن من بطون عبيدة قبيلة تعرف بآل عبد الرحمن وهي جماع قبائل روح بن مدرك .
وفي القرن العاشر والقرن الحادي عشر الهجري. كان اسم القبيلة آل عبد الرحمن يتردد في رمال وأودية وهضاب بلاد مأرب في البلاد التي سكنتها تلك القبيلة الكريمة ، بلاد براد من جغرافية جوف مأرب اليمن.
يقول الفقيه / يوسف بن عابد الأدريسي الحسني الفاسي في كتاب : ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت ،وهو يحدثنا عن قبيلة آل عبد الرحمن عبيدة وقد استقر به المقام في تلك البلاد فسكنها أكثر من أربعون عام وفي بلاد براد كانت له اقامة وسكنى . وهي المدة من نهاية النصف الثاني من القرن العاشر الهجري والنصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري .
يقول : سافرت من حضرموت إلى القبلة نريد صنعاء ...... ثم يقول : فكان هذا سبب مسيري إلى بلاد مأرب ونواحيها . فلما وصلت إلى ( حزمة )مأرب وكان فيها فقير زاوية مبارك يعرفني ، وقبل وصولي للشيخ ، فتلقاني الى قرية من قرى مأرب تسمى ( براد ) ،وكانت أم ولدي ( عمر ) من قبائل تلك الأرض ، رأس من رؤساء القبائل الحكام ، يقال لهم ( آل عبد الرحمن ) من عبيدة . أمهم عبيدة بنت مهلهل ..وهم يعودون إلى جنب بن سعد العشيرة بن مذحج . بطن من بطون كهلان .
ثم يتحدث عن زوجته وبداية طلبه الزواج منها ... فيقول :كانت خالية من الأزواج وخطبها أناس قبلي فامتنعت منهم ، وذلك في شهر ربيع الأول من شهور سنة ثمان أو تسع وتسعين من القرن العاشر الهجري ( 999 هجرية ) ، وقد أقام في بلاد براد حتى سنة أربعة عشر بعد الألف ( 1014 ) هجرية . وكان اسم زوجته من آل عبد الرحمن من عبيدة : شوق بنت عبد الله بن محمد بن علي بن مسعود بن حيدان ، وهو أقرب إلى الرميم بن جابر ( صنوا ) منيف بن جابر بن علي بن عبد الرب بن الربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك الجنبي ثم المذحجي الكهلاني .
النتهى قوله ( ص : 131 ) .ويذكر أن ولده من العبيدية واسمه ( محمد ) وقد زوجه من بنات أخواله آل عبد الرحمن بن روح واسمها : زهرة بنت أحمد بن راشد بن عامر بن مسعود .
تفريعات قبيلة عبيدة براد كما في المصادر اليمنية ، يقول المؤرخ حسين بن علي الويسي في كتابه / اليمن الكبير الجزء الأول : عبيدة قبيلة مأرب .. موطنهم بين صافر ومأرب . ( ص: 167 ). ويقول المؤرخ الكبير : إبراهيم المقحفي في كتابه : معجم البلدان والقبائل اليمنية : صافر : جبل بالشرق من مدينة مأرب بمسافة 85 كم ، وقد ظهرت أول بئر للبترول فيه عام 1984م . ثم يعطي المؤرخ المقحفي نبذة عن عبيدة براد وينسبها فيقول : عبيدة براد نسبة إلى وادي أبراد المعروف هناك ، وهي بطن من مذحج ، من ولد / عبيدة بن معاوية بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن صدأ وهو يزيد بن حرب . ومن بطون عبيدة أبراد :
آل راشد بن منيف ، وآل معيلي ، وآل جلال ، وآل عرادة أ وآل حتيك ، أل شبوان ، آل حفري ، آل فجيح ، آل كامل ، أل غانم ، آل ثاني ، آل بلغيث أ آل السعيدي ، آل شداد ، آل مقبل ، آل حمران ...
ومن ديارهم : مأرب ، صافر ، النميصة ، مخلق ، الملاحة ، المسجد ، خليلة العليا والسفلى ، الغول الأعلا والأسفل ، المكنة ، الهجر ، الشجاب ، القويم ، ثمده ، وادي الأقطع. ( المجلد الثاني : 1082 ، 1201 ) .
وهنا أود أن أبين بعض الأسماء التس أوردها المؤرخ المقحفي :
عبيدة براد تنقسم إلى هذه الفروع :
قبيلة الدماشقة ويعرفون بآل قزعة .
قبيلة آل فجيح وهم آل العرادة ولهم فروع ، وهم آل عقار ولهم فروع ومنهم آل كامل .
قبيلة آل منيف ويعرفون كذلك بآل حتيك ولهم فروع كثيرة .
قبيلة آل شبوان ولهم فروع .
قبيلة آل شنيثر .
قبيلة آل راشد منيف وهم فروع كثيرة ومنهم آل معيلي .
قبيلة آل حفرين .
وقبيلة آل جلال . مع ذكر بقية فروع القبيلة التي أوردها المؤرخ المقحفي .
ومع ظهور علم الفحوصات المخبرية المعروف بعلم ( الجينات ) ، فقد ظهرت عينات من آل معيلي وآل فجيح وآل شداد وقد تكتلوا مع بقية فروع قبيلة عبيدة سراة جنب التي تعرف اليوم بسراة عبيدة . وبهذا فقد تم بفضل الله وحده قطع الطريق على من يريد أن يتلاعب بأنساب قبيلة عبيدة في بلاد مأرب وفي بلاد سراة جنب .. أولئك الذي اتخذوا من كلام ابن رسول الغساني في كتاب : طرفة الأصحاب ، حين أورد بصيغة التمريض والشك أن آل روح قيل إنهم من عنز بن وائل ... مع أنه عرض في صفحات أخرى أن آل منيف بن جابر ومنهم آل ضيغم وآل راشد أنهم من جنب مذحج.
هذه نبذة مختصرة عن قبيلة كريمة عزيزة . إنها قبيلة آل عبد الرحمن من ولد روح بن مدرك ، ويعرفون اليوم بعبيدة براد .
كتبها : أحمد بن مسعود بن سعيد آل شوية الصقري العبيدي
(عبيدة براد)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخرين وعلى آله وصحابته أجمعين.
وبعد
الوفاء للأسلاف وإثراء عقلية القارئ المتأخر هو وحده الذي جعلني أترنم بهذه الجمل التعريفية والدراسة التاريخية النسبية،ليعرف النشء من أبنائنا كيف كان تاريخ أبناء عمومتهم وأنسابهم ،لتصحيح مسار نسبي كثر الحديث به عنهم من غيرهم ، وننفي أخطاء وأمور غير صحيحة تداولها من انتسب لهم وهو بعيد عنهم نسبا وتاريخا.
فحين نتعمق في تاريخ قبائل جنب المذحجية ، ونتدارسه فإنه لا ينبثق من نزعة تعصب لاسم أو نسب ، وإيثاراً له على ما سواه من أنساب ، أو فخراً بأحساب وطعناً في أنساب ،إنما هو من أجل المعرفة التي تورث الفهم، فلا يعني معرفة النسب ، و الاعتزاز به ، أنه تعصب للأجداد والآباء ، أو ذكر بعض تاريخهم أنه ادعاء الشرف على الغير،فمن رزقه الله الانتساب إلى قبيلة معروفة فما ذلك إلا نعمة خالصة من الله.
ولا يكون هذا الانتماء القبلي المعروف سبباً في التفاخر والتعاظم على الخلق (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وما كتبت هذا إلا لإزالة خلل ، وإصلاح زلل ،وفهم للتاريخ والسير على خطاً واضح ، لنشارك في درء فتنة ، ونفي خبث انتساب الرجل لغير أبيه ((ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار)).
فإن السنوات الأخيرة نلحظ فيها أن نار العصبية القبلية بدء نافخي الكير في إضرامها باسم القبائلية وأمجادها الماضية،وهذه الدعوات هي بريد الشتات والانهيار إن لم نُزّل مسبباتها ونوقف أنفاس نافخيها ، وذلك بنشر الوعي والثقافة الإسلامية الصحيحة بين أفراد هذه الأمة .
ايه القارئ الكريم :
لعلي استأذنك في عرض نسب قبيلة عزيزة كريمة شريفة ،اخترت الحديث عنها لجلالة قدرها وإشراقه أحسابها وأنسابها..فهي ترفل في موطن التاريخ والمجد ، وموطن الحضارات ، وفي موطن كرسي ملوك سبأ وحمير ومعين ، إنها قبيلة تعشق بلاد مأرب العز والفخار ، وبلاد جوف اليمن السعيد ، أسم فروعها طغى على أسمها الشاهق ، فهي خيار من خيار..
تنتمي لقبيلة تتراقص ذرات التاريخ باسمها ، وتتسابق كثير من الجموع للإنتساب لها ...هذه القبيلة فرع عزيز من قبيلة عاتية في تاريخها وفي احسابها وأنسابها إنها من قبيلة : عبيدة جنب.
فهي ضمن كوكبة شمسية أشرقت سماء التاريخ وحركته بذكرها ، ضمن قبائل قحطان العاتية ، قحطان التي تتشعب جذورها في باطن الأرض وشعب الزمان المتطاول ، ليقود ركبها فعل فرسان وشيوخ وشعراء وأدباء ... إنها كوكبة تضم في حناياها أسماء لامعة وأسماء كريمة عظيمة .
من هي
قبيلة آل عبد الرحمن بن روح بن مدرك من عبيدة جنب ؟
لنبدأ رحلتنا للتعريف بقبيلة ضمن كوكبة قبائل عبيدة وهي : آل الصقر ، بنو شداد ، بنو طلق ، الوهابة ، بنو قيس ، وقبائل عبيدة براد وممثلها على مر التاريخ ، قبيلة آل عبد الرحمن من ولد روح بن مدرك .
ماهي جذور هذه القبيلة ؟ وإلى من تنتمي في السقف الأعلى لقبيلة عبيدة ؟
إنها تنتمي لجدها الأعلى روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك الجنبي بالاتفاق إلا ما وقع من صاحب كتاب : طرفة الأصحاب . السلطان الرسولي : عمر بن رسول. الذي أورد بصيغة الشك والإضطراب : وقيل إنهم – أي – روح بن مدرك من عنز بن وائل ، ولم يسبقه لهذا القول أحد ، على ما نجد في كتابه من اضطراب وخلل ، وكأن هناك من زاد فيه وأنقص ، والذي يؤكد هذا الأمر ما أورده شيخ المؤرخين : حمد الجاسر من القول وبصيغة أخري على لسان السلطان : عمر بن رسول : وقيل إنهم من عنس دخلوا فيهم وأصلهم من همدان . هكذا أورد الشيخ الجاسر ...( لمعرفة التفاصيل حول هذا الأمر يرجى العودة لكتاب : درر العقود الفريدة في تاريخ جنب وعبيدة )..
هل آل روح بن مدرك ذو كثرة ؟
يؤكد هذا الأمر ما أورده صاحب كتاب : سيرة أحمد بن سليمان في النصف الأول من القرن السادس الهجري حين قال في أحد معاركة الشهيرة ضد خصومة :
وقد كان حاتم بن أحمد بعساكره قريباً منهم في أسفل الوادي بموضع يقال له ريمة (من قرى سنحان غرب غيمان .)
وكانت خيله تسع مئة فارس معدة كلها.فيهم من جنب :عبد الله بن يحيى و عبد العزيز بن العطير و حسين بن الربيع( شيوخ وفرسان من عبيدة ) في ثلاث مئة فارس وباقيهم من همدان وسنحان ونهد. والتقى القوم للقتال في ذلك الوادي ، فكان زيد بن عمرو وجبير بن عبد الله و آل روح و زبيد و عنس في ميمنة القتال ، وكانت الأبطن وآل عانس في الميسرة ، والإمام عليه السلام ومن معه من الأشراف والشيعة في القلب ولم يكن معه من الراجلة غير أربعين راجلاً ، فوقفوا بين يديه دون المضرب وكان معه أنفار من الأبطن ، وكثرت عليهم النبل والحجارة من كل جانب فمالوا إلى أكثر الصف إلى آل روح وتخلخل الناس من الإمام فما بقي معه غير قوم قليل ، وعدة جمهور القوم وأهل الجد منهم والبأس والشدة من همدان وسنحان. وكان فيمن لاحمه القتال عمرو بن الشغدري من سنحان وبنو ساعدة و الحباب وخيل من همدان فكانوا أمامه صفوفاً وقد طمعوا فيه وفيمن معه وجعلوه لهم غرضاً لأنه بغيتهم وطلبهم ، واشتد القتال وحمي الوطيس وكثرت القتلى فقتل ابن أخ لزيد بن عمرو و ولد للعمر بن عبد الله واثنا عشر رجلاً من الشيعة .( سيرة الإمام أحمد بن سليمان /سليمان بن يحيى الثقفي .تحقيق الدكتور : عبد الغني محمود عبد العاطي . ص : 219 – 220 – 221. من حوادث سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة للهجرة .)
ومع العودة لسيرة أحمد بن سليمان فإننا نجد فروع من آل روح بن مدرك كأسماء مشيخة على قبائل عبيدة التي كانت تعرف بجنب تحديدا فمنذو عصر الهمداني كما في كتاب ( صفة جزيرة العرب ) كان يطلق على منبه ( جنب ) تحديدا وأورد في كتاب ( الدامغة ) وهو يتحدث عن حادثة الزواج لبنت مهلهل بن ربيعة التغلبي من شيخ جنب فيقول في بيتين من ضمن قصيدة الشهيرة ( الدامغة ) :
ونحن الناكحون إلى عدي كرائمُه ونعم المُنكحُونا
فأمهرنا الذي جعلوه فيهم رضى لجميعهم مسكاَ دهينا
ثم يوضح واقع هذا الزواج في شرحه ، وأن معاوية بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن منبه هو من تزوجها .
( الدامغة . ص : 426 ).
وعند ابن الكلبي في متاب / معد واليمن الكبير ، نسب معاوية هو : معاوية الخير بن عمرو بن عامر بن الحارث بن ربيعة بن الأجرد بن كعب بن منبه. وأن من ولد معاوية الخير أبنه عمرو بن معاوية ، فلا نعلم هل هو يقصد أن نسب الأبن هو : عمرو بن معاوية الخير ، أم أن من أحفادة ؟....
وتعرف شريف بشريف في اكثر المواضع استقلالا ، وسنحان بسنحان ذات استقلالية تامة عن مسمى جنب ، وهذا لا يعني من كلامي أن سنحان وشريف ليست من جنب ، لكن الاختلاف في الأقوال أن جنب هو حلف أخوة من ولد يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مذحج ، وفي قول أخر أن جنب هو حلف بين بعض بني سعد العشيرة ، فهنا يكون جنب حلف وليس جد ربما بين أبناء يزيد وربما بين أبناء سعد العشيرة وربما حلف عام جمع قبائل متعددة اختارت اسم جنب ، لكن الذي نجده عن الهمداني إنه لمنبه (جنب ) ومن ولد منبه معاوية الخير والذي من نسله قبيلة عبيدة والتي عرفت في القرون الإسلامية الوسيطة بجنب كما في كتاب أحمد بن سليمان وكتاب السيرة المنصورية وكتاب : السمط الغالي الثمن ، وعند ابن رسول في طرفة الأصحاب .
فنجد: محمد بن منصور بن عبد الرب من جنب ، ونجد علي بن منصور بن عبد الرب ، ونجد الرميم بن جابر بن عبد الرب وهو صنوا منيف بن جابر بن عبد الرب شيخ جنب والمقدم فيها . وعند احمد بن سليمان وعبد الله بن حمزة : قبيلة : آل عبد الرحمن من آل روح ..
فنسب هذه القبيلة على ما تقدم هو: عبد الرحمن بن روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك الجنبي .عرفت بعض بطونها بآل عبد الرب . نسبة إلى عبد الرب بن ربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك.
ثم عرفت بعض بطونها المتأخرة بعد القرن السابع : بآل منيف . نسبة إلى : منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر بن عبد الرب ....
ثم عرفوا بالضياغم وهي تسمية متأخرة ...
لقد كان أول ذكر لقبيلة آل عبد الرحمن عبيدة في المصنفات والسير اليمانية ، كان في القرن السادس الهجري في زمن الإمام الزيدي : أحمد بن سليمان .ضمن سيرته التي كتبها / سليمان بن يحيى الثقفي.
يذكر صاحب السيرة سيرة أحمد بن سليمان:حينما وصل أهل اليمن من جنب وعنس وزبيد وكان من مشايخ زبيد عبد الله الحرف وسالم أبناء محمد وصبرة بن المهلب وأحمد بن صبرة البصري وكافة أصحابه وصباوة بن عنس وأصحابه وسعيد بن يوسف ومنصور بن أبي الهيثم وأصحابهما آل الأحول وسائر عنس،وكان من جنب مقبل والحداد أبناء عبد الله من المشرق،ومن نواحي ذمار من بني عبيدة :علي بن المنصور بن عبد الرب، وعبد العزيز بن مرير ، والمبارك بن موسى ، وعمرو بن جندل ، ورجال من آل عبد الرحمن فيهم الغمر بن عبد الله ، وإخوته ، وقوم كثير .
وهذا نص صريح في أن من بطون عبيدة قبيلة تعرف بآل عبد الرحمن وهي جماع قبائل روح بن مدرك .
وفي القرن العاشر والقرن الحادي عشر الهجري. كان اسم القبيلة آل عبد الرحمن يتردد في رمال وأودية وهضاب بلاد مأرب في البلاد التي سكنتها تلك القبيلة الكريمة ، بلاد براد من جغرافية جوف مأرب اليمن.
يقول الفقيه / يوسف بن عابد الأدريسي الحسني الفاسي في كتاب : ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضرموت ،وهو يحدثنا عن قبيلة آل عبد الرحمن عبيدة وقد استقر به المقام في تلك البلاد فسكنها أكثر من أربعون عام وفي بلاد براد كانت له اقامة وسكنى . وهي المدة من نهاية النصف الثاني من القرن العاشر الهجري والنصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري .
يقول : سافرت من حضرموت إلى القبلة نريد صنعاء ...... ثم يقول : فكان هذا سبب مسيري إلى بلاد مأرب ونواحيها . فلما وصلت إلى ( حزمة )مأرب وكان فيها فقير زاوية مبارك يعرفني ، وقبل وصولي للشيخ ، فتلقاني الى قرية من قرى مأرب تسمى ( براد ) ،وكانت أم ولدي ( عمر ) من قبائل تلك الأرض ، رأس من رؤساء القبائل الحكام ، يقال لهم ( آل عبد الرحمن ) من عبيدة . أمهم عبيدة بنت مهلهل ..وهم يعودون إلى جنب بن سعد العشيرة بن مذحج . بطن من بطون كهلان .
ثم يتحدث عن زوجته وبداية طلبه الزواج منها ... فيقول :كانت خالية من الأزواج وخطبها أناس قبلي فامتنعت منهم ، وذلك في شهر ربيع الأول من شهور سنة ثمان أو تسع وتسعين من القرن العاشر الهجري ( 999 هجرية ) ، وقد أقام في بلاد براد حتى سنة أربعة عشر بعد الألف ( 1014 ) هجرية . وكان اسم زوجته من آل عبد الرحمن من عبيدة : شوق بنت عبد الله بن محمد بن علي بن مسعود بن حيدان ، وهو أقرب إلى الرميم بن جابر ( صنوا ) منيف بن جابر بن علي بن عبد الرب بن الربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك الجنبي ثم المذحجي الكهلاني .
النتهى قوله ( ص : 131 ) .ويذكر أن ولده من العبيدية واسمه ( محمد ) وقد زوجه من بنات أخواله آل عبد الرحمن بن روح واسمها : زهرة بنت أحمد بن راشد بن عامر بن مسعود .
تفريعات قبيلة عبيدة براد كما في المصادر اليمنية ، يقول المؤرخ حسين بن علي الويسي في كتابه / اليمن الكبير الجزء الأول : عبيدة قبيلة مأرب .. موطنهم بين صافر ومأرب . ( ص: 167 ). ويقول المؤرخ الكبير : إبراهيم المقحفي في كتابه : معجم البلدان والقبائل اليمنية : صافر : جبل بالشرق من مدينة مأرب بمسافة 85 كم ، وقد ظهرت أول بئر للبترول فيه عام 1984م . ثم يعطي المؤرخ المقحفي نبذة عن عبيدة براد وينسبها فيقول : عبيدة براد نسبة إلى وادي أبراد المعروف هناك ، وهي بطن من مذحج ، من ولد / عبيدة بن معاوية بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن صدأ وهو يزيد بن حرب . ومن بطون عبيدة أبراد :
آل راشد بن منيف ، وآل معيلي ، وآل جلال ، وآل عرادة أ وآل حتيك ، أل شبوان ، آل حفري ، آل فجيح ، آل كامل ، أل غانم ، آل ثاني ، آل بلغيث أ آل السعيدي ، آل شداد ، آل مقبل ، آل حمران ...
ومن ديارهم : مأرب ، صافر ، النميصة ، مخلق ، الملاحة ، المسجد ، خليلة العليا والسفلى ، الغول الأعلا والأسفل ، المكنة ، الهجر ، الشجاب ، القويم ، ثمده ، وادي الأقطع. ( المجلد الثاني : 1082 ، 1201 ) .
وهنا أود أن أبين بعض الأسماء التس أوردها المؤرخ المقحفي :
عبيدة براد تنقسم إلى هذه الفروع :
قبيلة الدماشقة ويعرفون بآل قزعة .
قبيلة آل فجيح وهم آل العرادة ولهم فروع ، وهم آل عقار ولهم فروع ومنهم آل كامل .
قبيلة آل منيف ويعرفون كذلك بآل حتيك ولهم فروع كثيرة .
قبيلة آل شبوان ولهم فروع .
قبيلة آل شنيثر .
قبيلة آل راشد منيف وهم فروع كثيرة ومنهم آل معيلي .
قبيلة آل حفرين .
وقبيلة آل جلال . مع ذكر بقية فروع القبيلة التي أوردها المؤرخ المقحفي .
ومع ظهور علم الفحوصات المخبرية المعروف بعلم ( الجينات ) ، فقد ظهرت عينات من آل معيلي وآل فجيح وآل شداد وقد تكتلوا مع بقية فروع قبيلة عبيدة سراة جنب التي تعرف اليوم بسراة عبيدة . وبهذا فقد تم بفضل الله وحده قطع الطريق على من يريد أن يتلاعب بأنساب قبيلة عبيدة في بلاد مأرب وفي بلاد سراة جنب .. أولئك الذي اتخذوا من كلام ابن رسول الغساني في كتاب : طرفة الأصحاب ، حين أورد بصيغة التمريض والشك أن آل روح قيل إنهم من عنز بن وائل ... مع أنه عرض في صفحات أخرى أن آل منيف بن جابر ومنهم آل ضيغم وآل راشد أنهم من جنب مذحج.
هذه نبذة مختصرة عن قبيلة كريمة عزيزة . إنها قبيلة آل عبد الرحمن من ولد روح بن مدرك ، ويعرفون اليوم بعبيدة براد .
كتبها : أحمد بن مسعود بن سعيد آل شوية الصقري العبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق