قحطان وولاؤها المطلق لولاة أمرها عبر التاريخ
المصدر .. موسوعة قحطان
.
من عادة قبيلة قحطان ومنذ أسلافها الوقوف صفا واحدا مع الدول التي تعاقبت على حكم الجزيرة العربية وحتى هذا العصر عصر الدولة السعودية –أدام الله ظلها وأعز بها الإسلام والمسلمين- فنصرت وساندت وآزرت بهمّة عالية ودون تأخر أو هوادة.
سطّر لنا التاريخ أن قبيلة قحطان (مذحج) حظيت بشرف مناصرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، فقد شاركت برجالها النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته وسراياه كلها ، ومن مبدأ حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق أنه في أول وأهم معارك الإسلام (بدر الكبرى) شارك من القبيلة أمثال عمار بن ياسر العنسي وخولي بن أبي خولي الجعفي. واستمرت مناصرة القبيلة للخلافة الراشدة فشاركت في جميع الفتوحات الإسلامية ببسالة وبأس منقطع النظير ، ففي القادسية شاركت القبيلة بألف وخمسمائة فارس ومقاتل على رأسهم أشرافها كعمرو بن معد يكرب الزبيدي ويزيد بن الحارث الصدائي والأسود الحارثي وشريك بن عمرو المرادي الذي ضرب رستماً بالسيف. فلم تخلو معركة إسلامية وفتحا مبينا إلا وللقبيلة بصمة مشهودة بفضل الله ؛ ولعل هذا من أسباب أنها أكثر القبائل في الجنة كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم.
استمرت القبيلة على هذه السُنّة حتى التاريخ الحديث ، فقد ناصرت دعوة الإمامين المحمدين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله ، فكان لها شرف الانضمام والمناصرة حتى اللحظة والتي أصبحت من مفاخر القبيلة التي ينشأ عليها صغيرها ويشيب فيها كبيرها . يقول عبدالعزيز الأهدل صاحب كتاب دعوة محمد بن عبدالوهاب : (ما لبثت قبائل قحطان أن دخلت في مذهب التوحيد وبالغت فيه كل مبالغة. وكان أكثر القحطانيين يسكن بأطراف العارض من نجد، فأخذوا على أنفسهم عهدا لآل سعود أن يطوعوا تهامة اليمن وأهل حضرموت والشحر وما جاورهم من أرض الحجاز)، وذلك بأن وفد الشيخ هادي بن غانم بن قرملة وقومه إلى الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب في عام 1201هـ يقول ابن غنام : (وفيها قدم هادي بن غانم المعروف بأمه قرملة على عبدالعزيز , وقد انشرح صدره للإسلام وتبين طريق الإيمان ، فأعطى العهد وحسن بلاؤه وجهاده لأهل الشرك ، فترأس بذلك قبائل قحطان , ولم يكن قبل ذلك من كبارهم المعدودين ولا المشهورين ولكن صدقه وإخلاصه مكنّا له ذلك) ، وأيضا وفود الشيخ غشام بن عامر والشيخ محمد بن سليم للدرعية كما جاءت بذلك المصادر .
والتاريخ زاخر بذكر قبيلة قحطان وشرف أنها من أوائل قبائل الجزيرة العربية التي ناصرت وآزرت وساندت الدعوة الإصلاحية بشكل فعّال وناجح ، يقول شاكر : (جاءت جيوش ابن سعود مع قحطان وشهران وبيشة إلى عسير وقتلت الأمير محمد بن أحمد ودخلت المنطقة في طاعة الدرعية، وأصبح محمد بن عامر أميراً على عسير من قبل آل سعود). وأكد ابن بشر امتثال قبيلة قحطان مع إخوتها بقية قبائل نجد العظام لأمر الإمام سعود بن عبدالعزيز ، قال : (وإذا أمر - يقصد الإمام سعود بن عبدالعزيز- على قبيلة من قبائل بوادي نجد العظام كمطير وعنزة وقحطان وغيرهم وهم في أقصى الشمال يرحلون وينزلون في الجنوب أو الشرق أو الغرب لم يمكنهم مخالفته) ، وما ذكره ابن بشر أيضاً عن المعركة المشهورة التي دارت رحاها بين القوات السعودية وقوات محمد علي باشا سنة 1226هـ بمنطقة الخيف في وادي الصفراء بين المدينة وينبع ، قال : (وقتل من المسلمين من جميع النواحي نحو ستمائة رجل منهم: مقرن بن حسن بن مشاري ابن سعود، ورئيس قحطان هادي بن قرملة، ورئيس عبيدة مانع بن كرم، وراشد بن شبعان أخو محمد بن سالم أمير بني هاجر، ومانع أبو وحير العجمي الفارس المشهور وغيرهم) .
وبعد سقوط الدولة السعودية الأولى على يد جيوش محمد علي باشا ونشوء المرحلة الثانية من الدولة السعودية على يد الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله نجد قبيلة قحطان من أوائل القبائل التي بايعتها استمراراَ على وفائها للدولة السعودية والدعوة الإصلاحية ، يقول ابن بشر : (وفي هذه السنة وفد رؤساء العربان من سبيع والسهول والعجمان ومطير وقحطان وغيرهم على تركي - رحمه الله- فأرسل معهم عمالاً يقبضون منهم الزكاة) . وأخبار مساندة قبيلة قحطان لحكام الدولة السعودية الثانية مليئة في أثناء كتب المؤرخين وهذا دليل على استمرار القبيلة في ولائها لحكام هذه الدولة المباركة وحفظهم لما قطعوه على أنفسهم من العهود والمواثيق .
وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية ونهوض السعودية الثالثة على يد المؤسس البطل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- استمرت قبيلة قحطان على عادتها الأولى في أداء واجبها بمناصرة ومساندة ولاة أمرها -آل سعود- وحتى ساعتنا هذه الذين بفضل الله ومنته ثم بتمسكهم بالعدل والشريعة الإسلامية السمحة وحكمتهم البالغة وحدوا البلاد وجمعوا شتات القبائل ونشروا والأمن والأمان وعقيدة التوحيد وجعلوا للمملكة العربية السعودية حكومةً وشعبا مكاناً مرموقاً في مصاف الدول المتقدمة . فقد شاركت قبيلة قحطان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- في معاركه لتوحيد المملكة العربية السعودية ، وكان لشيوخها وفرسانها نصيب من شرف قيادة الجيوش والسرايا والاستشهاد في معارك توحيد المملكة العربية السعودية ، ومنها على سبيل المثال ضم الطائف عام 1343هـ وضم مكة المكرمة عام 1343هـ وضم جدة عام 1344هـ ومعركة السبلة عام 1347هـ ومعركة الحقو لإخماد ثورة الإدريسي عام 1351هـ ومعركة القعايد عام 1351هـ والحرب اليمنية السعودية عام 1352هـ ومعركة الريث عام 1375هـ وغيرها الكثير مما لا يحصى . وشاركت كذلك في جميع الحروب التي تلت وفاة المؤسس طيب الله ثراه كحرب فلسطين عام 1367هـ وحرب الخليج الثانية عام 1410 – 1411 هـ وأخيراً عاصفة الحزم التي انطلقت عام 1436 هـ .
وستزال قبيلة قحطان على ولائها المطلق لحكام هذه البلاد رحم الله من مات منهم وأعز من بقي .
• المصادر والمراجع
القرآن الكريم
كتب السنة النبوية المعتمدة
الدر الثمين لحسن اليمني
تاريخ الطبري هو كتاب في التاريخ من تأليف محمد بن جرير الطبري
تاريخ نجد للشيخ الإمام حسين بن غنام
جمهرة أنساب العرب لأبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي
داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب لعبدالعزيز شلبي سيد الأهل
شبه جزيرة العرب لمحمود شاكر
صفحات من تاريخ قبيلة قحطان المعاصرة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية لمحمد بن سعد النهاري
عنوان المجد في تاريخ نجد لعثمان بن بشر
قبائل قحطان المذحجية أصولها القديمة وتفرعاتها الحديثة لعبد الله بن محمد بن محمس آل عاصم
لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب لحسن بن جمال الريكي
من مذكرات محمد بن تركي الماضي عن العلاقات السعودية اليمنية 1342 - 1371 هـ
نسب معد واليمن الكبير لأبي المنذر هشام بن محمد الكلبي